والثاني: بمعنى الصحبة في المعية.
والثالث: بمعنى النصرة، والله تعالى مع الجميع بالعلم، لأنه
العالم بالجميع، وهو مع المؤمنين خصوصاً بالنصرة.
ونصرة الله لهم: تخصيصه إياهم بألطافه، وفوائده، وهدايته،
وتمكينه من الإيمان به، والمعرفة، وذلك لا يصلح إلا للإيمان به،
والمعرفة، خلافاً لقول المعتزلة أن قدرة الإيمان صالحة للكفر، وأنه قد لطف
للجميع على وجه واحد، وهدى الجميع هداية واحدة في الابتداء، وقد قال
الله في تكذيبهم: ﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ﴾.
ومعنى قوله: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا﴾
أي: في طاعتنا، وعبادتنا.
ومعنى: ﴿لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾.
أي: لنعرفنهم طريق ديننا، وسبيل المعرفة بنا، وسبيل الله دينه، وسبيل الله الطريق المؤدي إلى عبادته، والمعرفة به
فإن قيل: فكيف قال: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ ولا سبيل لهم، إلى أن يجاهدوا في طاعته إلا بهدايته إياهم إلى سبيله، وبنصره إياهم في
سلوك طرق عبادته.
قيل: يحتمل أن يقال: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا﴾
بهدايتنا لهم في الابتداء، ولنهدينهم سبلنا في الانتهاء بإدامة تلك الهداية، والتوفيق، والنصرة، وذلك فيمن علم الله من حاله أنه لا يرتد عن دينه، وأنه يموت على الإيمان؛ فإنه يهديه ابتداء؛ ليجاهد في طلب الطريق إلى الله، ثم