فان قال قائل فاذ قد أَوضحت ما سئلتَ عنه من تأول هذين الخبرين فعرفنا بالسبب الذي دعا عثمان رضي الله عنه إلى جمع القرآن في المصاحف وقد كان مجموعا في الصحف عَلَى ما رويته لنا في حديث زيد بن ثابت المتقدم قلت السبب في ذلك بين فذلك الخبر عَلى قول بعض العلماء وهو إن أبا بكر رضي الله عنه كان قد جمعه أَولاً عَلى السبعة الاحرف التي اذن الله عز وجل للامة في التلاوة بها ولم يخص حرفا بعينه فلما كان زمان عثمان ووقع الاختلاف بين أهل العراق وأهل الشام في القراءة وأَعلمه حذيفة بذلك رأَى هو ومن بالحضرة من الصحابة إن يجمع الناس على حرف واحد من تلك الاحرف وان يسقط ما سواه فيكون ذلك مما يرتفع به الاختلاف ويوجب الاتفاق اذ كانت الامة لم تؤمر بحفظ الاحرف السبعة وانما خُيّرت في ايّها شاءت لزمته واجزأها كتخييرها في كفارة اليمين بالله بين الاطعام والكسوة والعتق لا إن يجمع ذلك كله فكذلك السبعة الاحرف.
وقيل انما جمع الصحف في مصحف واحد لما في ذلك من حياطة القرآن وصيانته وجعل المصاحف المختلفة مصحفا واحدا متفقا عليه واسقط ما لا يصحّ من القراءات ولا يثبت من اللغات وذلك من مناقبه وفضائله رضي الله عنه.
فان قيل لم جعل عثمان مع زيد غيره هلا افرده بذلك كما فعل أبو بكر رضي الله عنه
قلت انما فعل ذلك حين بلغه اختلاف الناس في القراءة لكي يحصل القرآن مجموعا على لغة قريش خاصّة اذ لغتها


الصفحة التالية
Icon