(وجعل بينكم مودّة ورحمة) أىِ: ميل نفس بالمجانسة، ورقّة قلب تبعث على التعاطف ليتكامل سرور كلّ منهما بصاحبه، وذلك من فضل الله ونظره لخلقه.
وأما قوله: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ) فلأنه جاء بعد قوله: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ)
ولا أحد إلا والسماء تظلّه والأرض تقله، فلا ينفك منهما، ولا أحد يخلو من كونه بينهما، يعلم ذلك باصظرار، وأما اختلاف الألسنة فالمراد أن آلات الكلام متقاربة، وأجراس الأصوات والنّغم مختلفة، حتى ترى كلّ واحد من الناطقين مختصاً بلطيفة من الله تعالى في صوته وفى جرس لسانه، لا يخفى بها على مَن عرفه إذا سمع كلامه، والسمع يميّز بينه وبين من سواه قبل أن يراه، ويعلم هذا كل من نفسه،


الصفحة التالية
Icon