الآية الثالثة منها
قوله تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ.
وقال في سورة السجدة: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (٢٢).
للسائل أن يسأل عن استعمال الفاء في سورة الكهف في قوله: (فأعرض عنها) واستعمال ((ثم)) في سورة السجدة؟
والجواب أن يقال: إن ((الفاء)) و ((ثم)) مشتركان في أنّ ما بعدهما في اللفظ متأخر عمّا قبلها في المعنى، ومختلفان في أنّ "الفاء" قرُب ما بعدها ممّا قبلها، وفي "ثم " تراخ عنه وبُعْد، فكان استعمال الفاء في سورة الكهف أولى، واستعمال ((ثم)) هناك أحق وأحرى، وذلك أنّ ما في سورة الكهف في ذكر قومٍ يُستدعَون إلى الإيمان، ولم تختم أعمالهم بالكفر لقوله تعالى: (... وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا (٥٦).
وليس كذلك قوله: (ثم أعرض عنها) الآية، في وصف الكفار بعد موافاتهم القيامة لقوله تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ... ) إلى


الصفحة التالية
Icon