الآية الثالثة منها
قوله تعالى: (أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (١٢٨).
وقال في سورة السجدة: (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ (٢٦).
للسائل أن يسأل في هذه الآية عن موضعين:
أحدهما: اختصاص الأولى بالفاء، والثانية بالواو.
والثاني: أنه قال في السجدة: (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ) فأدخل ((من)) على (قبلهم) هنا ولم يدخلها هناك مع تساوى المكانين والمعنيين.
فيقال للسائل عن ذلك: لمّا كائت هذه الآية مفتتحة بقوله: (أفلم)، وتلك مفتتحة بقوله: (أو لم) اختلفتا من هذه الجهة، فكان ما دخلته الفاء، لأنه يتعلّق بما قبله تعلّق الجواب بالمبتدأ، والجزاء بالشرط، فتكون جملة تمامها بجملةٍ قبلها تثقل فيختار لها التخفيف. وما دخلته الواو لا يقتضي ما تقتضيه الفاء بنفسها، بل