وفيه أن الماكر يصير وبال مكره عليه، ولكن لا يشعر، ولو شعر لما فعل. ﴿وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ ١ لما رجعوا إليه باكين إظهارا للحزن على يوسف اعتذروا باستباقهم وهو الترامي ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ﴾ ٢، وقوله ﴿عِنْدَ مَتَاعِنَا﴾ أي: ثيابنا وأمتعتنا. وقوله: ﴿وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ﴾ أي لست بمصدقنا ولو كنا صادقين عندك، فكيف مع التهمة. وقوله ﴿بِدَمٍ كَذِبٍ﴾ نسوا أن يخرقوا القميص فعرف كذبهم. قوله ﴿سَوَّلَتْ﴾ أي: زينت أو سهلت، والصبر الجميل الذي لا شكوى معه. وقوله: ﴿تَصِفُونَ﴾ أي تذكرون، وفيه من الفوائد عدم الاغترار ببكاء الخصم، وعدم الاغترار بزخرف القول، وما يجعل الله على الباطل من العلامات.
وفيه الاستدلال بالقرائن. وفيه ما ينبغي استعماله عند المصائب وهو الصبر الجميل والاستعانة بالله، وأن التكلم بذلك حسن.
﴿وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ﴾ ٣ السيارة الرفقة السائرون، والوارد الذي يرد
٢ سورة يوسف آية: ١٧.
٣ سورة يوسف آية: ٢٠.