ثم ذكر تمجيد الرب تبارك وتعالى نفسه وأنه يقول: "أنا الجبار، أنا المتكبر، أنا الملك، أنا العزيز أنا الكريم" ١ ٢ قال ابن عمر: فرجف برسول الله ﷺ حتى قلنا ليخرّن به.
وفيها ثلاث مسائل:
الأولى: التنبيه على سبب الشرك; وهو أن المشرك بان له شيء من جلالة الأنبياء والصالحين، ولم يعرف الله سبحانه وتعالى; وإلا لو عرفه لكفاه وشفاه عن المخلوق، وهذا معنى قوله: ﴿وما قدروا الله حق قجدره﴾ ٣ الآية.
المسألة الثانية: ما ذكر الله تبارك وتعالى من عظمته وجلاله أنه يوم القيامة يفعل هذا، وهذا قَدْر ما تحتمله العقول، وإلا فعظمة الله وجلاله أجلّ من أن يحيط بها عقل كما قال ٤: "ما السموات السبع والأرضون السبع في كف الرحمن إلا كخردلة في كف أحدكم" فَمَنْ هذا بعض عظمته وجلاله كيف يُجعل في رتبته مخلوق لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا؟ هذا هو
٢ رواه مسلم (منافقين) وأبو داود (سنة) وابن ماجه (مقدمة) و (زهد)، كما رواه أحمد بسنده عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قرأ هذه الآية يوما على المنبر (وما قدروا الله حق قدره..) ورسول الله يقول هكذا بيده ويحركها ويقبل بها يمجد الرب نفسه (أنا الجبار، أنا المتكبر، أنا الملك، أنا الكريم).. المسند حـ ٢ ص ٧٢.
٣ سورة الأنعام آية: ٩١.
٤ في ٥١٦-٨٦ "كما قال تعالى"، وهذا تحريف من الناسخ، فليست بآية. وفي س "كما قال ابن عباس" وهذا هو الصحيح المروي، رواه الطبري وغيره بسنده عن ابن عباس من قوله في تفسير قوله تعالى: (وما قدروا الله حق قدره..) راجع: تفسير الطبري جـ ٢٤ ص ٢٥.