﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ﴾ إلى قوله: ﴿عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ ١.
فيه مسائل:
الأولى: كيف أمرهم بالعلم بأنه رسول الله وهم الصحابة، فما أجلها من مسألة، وأدلها على مسائل كثيرة.
الثانية: أنه لو يطيعهم في كثير من الأمر جرى ما جرى وهم الصحابة، ففيها التسليم لأمر الله، ومعرفة أنه ٢ هو المصلحة، وتقديم الرأي عليه هو المضرة.
الثالثة: معنى العنت: الضيق، أي رأيكم يجر إلى الضيق عليكم.
الرابعة: أن ما بكم من الخير والصواب فليس ذلك من أنفسكم; ولو وُكلتم إليها جرى ما جرى؛ فهو الذي حبب إليكم الإيمان، وكرَّه إليكم ضده.
الخامسة: فيه أن الأعمال من الإيمان ففيه الرد على الأشعرية.
السادسة: أن تزيينه في القلوب نوع آخر غير المحبة.
السابعة: أن الكفر نوع والفسوق نوع، والعصيان عام في جميع المعاصي، فمن الكفر شيء لا يُخرج عن الملة كقوله: "سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر" ٣ ٤ ومنه الفسوق بالكبائر، فعلمتَ أنَّ ما أطلق عليه الكفر أكبر من الكبائر، ولو لم يخرج من الملة.

١ قوله تعالى: (واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم) الآيتان: ٧-٨.
٢ في س " أنه المصلحة ".
٣ البخاري: الإيمان (٤٨)، ومسلم: الإيمان (٦٤)، والترمذي: البر والصلة (١٩٨٣) والإيمان (٢٦٣٤، ٢٦٣٥)، والنسائي: تحريم الدم (٤١٠٥، ٤١٠٦، ٤١٠٨، ٤١٠٩، ٤١١٠، ٤١١١، ٤١١٢، ٤١١٣)، وابن ماجه: المقدمة (٦٩) والفتن (٣٩٣٩)، وأحمد (١/٣٨٥، ١/٤١١، ١/٤١٧، ١/٤٣٣، ١/٤٣٩، ١/٤٤٦، ١/٤٥٤، ١/٤٦٠).
٤ رواه البخاري (إيمان) و (أدب) و (فتن) ومسلم (إيمان) والترمذي (بر) و (إيمان)، والنسائي (تحريم) وابن ماجه (فتن) و (مقدمة) كما رواه أحمد عن سعد أبي وقاص قال: قال رسول الله ﷺ قتال المؤمن كفر، وسبابه فسوق، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث المسند جـ ١ ص ١٧٦.


الصفحة التالية
Icon