ومعرفة أئمة الهدى وأئمة الضلال أفضل ما حصل المؤمن، لكن فيه من البيان قول اليهود إلا إن كنت تريد أن نعبدك كما عبدت النصارى عيسى، وقول النصارى تريد ذلك أي إلا إن كنت تريد أن نعبدك كما عبدت اليهود عزيرا! إن عبادة غير الله من أنكر المنكرات ببديهة العقل، ولكن الهوى يعمي ويصم.
وفيه معرفة الإنسان بعيب عدوه، ولا يعرف ما فيه من ذلك العيب بعينه ولو كان فيه أضعافا مضاعفة وفيه ما على من قرأ القرآن من الحق من تعلم معانيه. وفيه أن عليه أن يعمل به; وفيه أن يكون ربانيا، وفيه أن ذلك بسبب درس الكتاب وعلمه وتعليمه، وفيه أن المسلم إذا أشرك بالأنبياء والصالحين كفر بعد إسلامه. وفيه معرفة أعداء رسول الله ﷺ بما هو عليه من العدل والتواضع كيف يتفوهون له بهذا الكلام، وهم تحت يده محتاجون له. وفيه أن من أشرك بشيء فقد اتخذه ربا، وفيه أن قوله في القرآن: ﴿من دون الله﴾ ليس كما يقول الجاهلون لأن أهل الكتاب لا يتركون عبادة الله.
وقوله عز وجل: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ﴾ الآيتين ١ فيه ما هو من أبين الآيات للخاص والعام.
وكونه ﷺ مذكورا مبشرا به في كتب الأنبياء، وفيه حجة على أن دعوته عامة

١ قوله تعالى: (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين. فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون) سورة آل عمران: الآيتان ٨١-٨٢.


الصفحة التالية
Icon