فلا أقبل منكم عملا - أو كلاما هذا معناه -. وأبلغ منه قوله صلى الله عليه وسلم: "إن العبد ليتكلم ١ بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا ما يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه" قال علقمة ٢: كم من كلام منعنيه حديث بلال، يعني هذا. ومنها أنها تخلع من القلب داء العجب الذي هو أشد من الكبائر.
ومنها وهي من أعظمها أنها تعرف المؤمن شيئا من كبرياء الله وعظمته وجبروته; ولا يدل عليه ولو بلغ في الطاعة ما بلغ، وقد وقع في هذه الورطة كثير من العباد فمستقل ومستكثر. ومنها التحذير من معارضة القدر بالرأي لقوله: ﴿أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ﴾ ٣، وهذه بلية عظيمة لا يتخلص منها إلا من عصمه الله لكل مقل ومكثر.
ومنها وهي من أعظمها تأدب المؤمن من معارضة أمر الله ورسوله بالرأي على استدل بها السلف كل هذا الأمر، ولا يتخلص من هذا إلا من سبقت له من الله الحسنى.
ومنها عدم الاحتجاج بالقدر عند المعصية لقوله: ﴿رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي﴾ ٤ بل يقول كقول أبيه: ﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا﴾ ٥ الآية
ومنها معرفة قدر المتكبر عند الله خصوصا مع قوله: {فَاهْبِطْ مِنْهَا
٢ هو علقمة بن قيس النخعي الهمداني، التابعي فقيه أهل العراق، كان يشبه بابن مسعود، روى الحديث عن الصحابة (ت ٦٢ هـ).
٣سورة الإسراء آية: ٦٢.
٤سورة الحجر آية: ٣٩.
٥سورة الأعراف آية: ٢٣.