كما يدل عليه ما أخرجه ابن أبي داود عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال: قال عمر: "من كان تلقى من رسول الله ﷺ شيئاً من القرآن فليأتنا به، وكانوا كتبوا ذلك في الصحف والألواح والعسب، وكان لا يقبل من أحد شيئاً حتى يشهد شهيدان"١.
وليس المقصود بالشهادة هنا على قرآنية المكتوب، فقرآنيته بلا شك ثابتة متواترة بحفظ المئات من الصحابة، وإنما على أنه كتب بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم، فكما هو معلوم كان للصحابة رضوان الله عليهم مصاحف خاصة بهم كتبوها في بيوتهم لأنفسهم.
قال أبو شامة موضحاً ذلك: "لم تكن البينة على أصل القرآن، فقد كان معلوماً لهم كما ذكر، وإنما كانت على ما أحضروه من الرقاع المكتوبة فطلب البينة عليها أنها كانت كتبت بين يدي رسول الله ﷺ وبإذنه على ما سمع من لفظه ولهذا قال: فليمل سعيد، يعني من الرقاع التي أحضرت، ولو كانوا كتبوا من حفظهم لم يحتج زيد فيما كتبه إلى من يمليه عليه٢.
إذن فالمقصود الشهادة على كونها مكتوبة لا كونها محفوظة، وهكذا كان منهج الجمع:
عدم الاكتفاء بما سمعاه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعدم الاكتفاء بما كتباه وقت نزول الوحي.
وعدم الاكتفاء بما حفظاه.

١أخرجه ابن أبي داود في كتاب المصاحف ص١٠.
٢المرشد الوجيز ص٥٩ – ٦٠.


الصفحة التالية
Icon