ولهذا كانوا يبقون مدة في حفظ السورة الواحدة، وهذا هو السر فيما روى أن ابن عمر رضي الله عنهما أقام على حفظ سورة البقرة ثمان سنين١.
أ - كتابته كله حروفاً وكلمات وآيات وسوراً.
وقد حدث ذلك في الصدر الأول ثلاث مرات:
الأولى: في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان النبي ﷺ ينادي واحداً من كتاب الوحي فيأمره بكتابة ما نزل عليه من الوحي، وكان ﷺ يرشدهم إلى مواضع الآيات من السور (٢، ولم ينتقل الرسول ﷺ إلى رفيقه الأعلى إلا والقرآن كله كان مكتوباً، مرتب الآيات في سورها، غير أنه لم يكن مرتب السور، ولا مجموعاً في مصحف واحد، ولا موجوداً في مكان واحد، بل كان مفرقاً لدى الصحابة، وكان ذلك لما كان يتوقع من نزول ناسخ لآية حكماً أو تلاوة٣.
والثانية: في خلافة أبي بكر رضي الله عنه ٤.
والثالثة: على عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه ٥.
وسيأتي تفصيل كل ذلك في الصفحات التالية.
صلة القرآن بالقراءات:
هنا سؤال يطرح نفسه، هو أنه: هل القرآن والقراءات شيء واحدا؟ أي بينهما اتحاد كلّي، أو أنهما شيئان متغايران؟ أي بينهما تغاير كلي.
بين المتأخرين والمعاصرين من علماء القراءات في ذلك خلاف.
٢ انظر: سنن أبي داود: ١/٢٠٦، رقم: ٧٨٦، والترمذي: ٥/٢٥٤، رقم: ٣٠٨٦، ومسند أحمد: ١/٥٧، وجمال القراء: ١/٨٤-٨٥، وتفسير الطبري: ١/١٠٢، والقرطبي: ٨/٦١، وراجع البرهان للزركشي: ١/٢٣٢.
٣ انظر: الإتقان: ١/١٦٤.
٤ ستأتي ترجمته.
٥ الإتقان: ١/١٨١، مناهل العرفان: ١/٢٣٩.