وقال تعالى: ﴿وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ، قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ﴾ النحل [١٠١-١٠٣].
فبين الله تعالى في هذه الآيات دعاوى المشركين في أن النبي صلي الله عليه وسلم اختلق هذا القرآن من عند نفسه، ومنهم من زعم أنه أخذه عن أحد النصارى، وذلك قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ﴾، فقيل: يقصدون غلاماً نصرانياً اسمه جبر عبد لبني الحضرمي، وقيل: غلام لبني المغيرة اسمه يعيش، وقيل: إنهما غلامان نصرانيان من أهل عين التمر، اسم أحدهما يسار، واسم الآخر حبر، وقيل: اسمه بلعام، وكان نصرانياً يقرأ التوراة، وقيل: يقال له أبو ميسرة، وقيل غير ذلك."١"
وقال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْماً وَزُوراً﴾ [الفرقان: ٤].
فهنا يذكر الله تعالى عنهم تكذيبهم للنبي صلي الله عليه وسلم، وادعاءهم عليه أنه افترى القرآن من عند نفسه، وأعانه على هذا اليهود، فيعلمونه هذا القرآن."٢"
وقال تعالى: ﴿بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ﴾ [الأنبياء: ٥].
قال ابن جرير: يقول تعالى ذكره: ما صدقوا بحكمة هذا القرآن ولا أنه من عند الله، ولا أقروا بأنه وحي أوحى الله إلى محمد صلي الله عليه وسلم، بل قال بعضهم: هو
"٢" انظر: تفسير ابن جرير"١٨/١٨١"، عن مجاهد رحمه الله، وانظر تفسير القرطبي "١٣/٣".