وقال المشركون عن القرآن إن النبي صلي الله عليه وسلم تعلمه من اليهود أو من النصارى١. فهم لا يثبتون على دعوى، إنما مرادهم أن يكذبوا النبي صلي الله عليه وسلم، ويردوا قوله بدعوى من الدعاوى، بغض النظر عن صحتها أو معقوليتها، وحالهم كمن يقول نحن نكذبك ونعاديك ونرد كلامك وإن كنت صادقاً. وهذا صريح كلام الله تعالى، الذي يعلم السر واخفى عن موقفهم من النبي صلي الله عليه وسلم ﴿فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾ [الأنعام: ٢٢].
وحال هؤلاء المستشرقين مع أولئك المشركين كما قال الله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [البقرة: ١٠٨].
فتشابهت قلوب هؤلاء وأولئك في الكيد للإسلام وعداوته وعداوة أهله، فنطقوا بما نطق به الذين من قبلهم.
ونضيف أن المستشرقين إما يهود وإما نصارى، فمن هنا نتساءل: على أي أرض من الحق صلبة يقفون؟ وعلى أي شيء هم يعتمدون في نقدهم لنبي الإسلام ودين الإسلام!
إنهم كما قيل: رمتني بدائها وانسلت، فدينهم الذي هم عليه، مهلهل لا يثبت أمام النقد في ناحية من النواحي.
فاليهود مثلاً: قد أثبتت الدراسات المتكاثرة، حتى من اليهود أنفسهم عدم صحة كتبهم، وأنها محرفة، وأن الدراسة التاريخية تؤكد ذلك."٢" وأن الدراسة العلمية تؤكد وجود الأخطاء العلمية فيها."٣"
"٢" انظر: دراسات في الأديان، ص٦٠-٧٤، الكتب المقدسة بين الصحة والتحريف، ٦٧-١١٤.
"٣" القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم، ص٣٩-٦٢.