في حادثة الإفك، وهي ابنة أعز أصحابه إليه، وهذا شرفه عليه الصلاة والسلام، وهو أشرف الشرفاء وأعظم العظماء وأنقى الأنقياء وأتقى الأتقياء عليه الصلاة والسلام، وهو أشد الناس غيرة كما قال عليه الصلاة والسلام: "أتعجبون من غيرة سعد، والله لأنا أغير منه، والله أغير مني"."١"
ومع ذلك فقد تجرأ عليه أناس من المنافقين، فطعنوا في زوجه، وشاع هذا في المدينة، وتأذى منه رسول الله صلي الله عليه وسلم غاية التأذي، ومع أن عائشة رضي الله عنها مرضت بعد قدومها من ذلك السفر، فقد كان عليه الصلاة والسلام لا يأبه لها كثيراً بسبب ما بلغه من القيل في ذلك، بل كان يأتي إليها حين اشتكت ويسلم، ثم يقول: "كيف تيكم"، ثم ينصرف، بل بلغ الأمر به عليه الصلاة والسلام أنه أخذ يستشير بعض أصحابه في شأنها، فاستشار أسامة بن زيد وعلي بن أبي طالب، وسأل الجارية عن عائشة، وسأل زينب بنت جحش زوجته رضي الله عنهم، بل إنه قال لعائشة آخر الأمر، وجلس عندها، ولم يكن جلس عندها من قبل من حين قيل ما قيل: يا عائشة فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرؤك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه.
وتأخر الوحي عن النبي صلي الله عليه وسلم في تلك الحادثة شهراً لا يوحى إليه في شأن عائشة رضي الله عنها، ثم نزلت براءتها بعد أن قال لها ما قال. قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْأِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ …﴾ [الآيات من سورة النور: ١١-٢٠].
فكان أول كلمة قالها عليه الصلاة والسلام لها بعد نزول الآيات عليه: "يا عائشة أما الله سبحانه وتعالي فقد برأك، فقالت أمي: قومي إليه -أي إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم -، فقالت عائشة: والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله "."٢"

"١" انظر. خ في التوحيد، رقم "٧٤١٦"، انظره مع الفتح "١٣/٣٩٩".
"٢" انظر القصة كاملة في. خ، التفسير، رقم"٤٧٥٠". انظره مع الفتح "٨/٤٥٢".


الصفحة التالية
Icon