الله أن يهديهم للإسلام، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ما ترى يا ابن الخطاب؟ قلت: لا، والله يار سول الله ما أرى الذي رأى أبو بكر، ولكن أرى أن تمكنا فنضرب أعناقهم، فتمكن علياً من عقيل فيضرب عنقه، وتمكني من فلان "نسيباً لعمر" فأضرب عنقه، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها، فهوى رسول الله صلي الله عليه وسلم ما قال أبو بكر ولم يهو ما قلت، فلما كان من الغد جئت فإذا رسول الله صلي الله عليه وسلم وأبو بكر قاعدين يبكيان، قلت: يارسول الله أخبرني عن أي شيء تبكي أنت وصاحبك، فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما، فقال لي رسول الله صلي الله عليه وسلم: "أبكي للذي عَرَضَ عَلَيّ أصحابك من أخذهم الفداء، لقد عُرِض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة" -شجرة قريبة من نبي الله صلي الله عليه وسلم- وأنزل الله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى﴾ "١"
وفي رواية عن ابن عمر أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "إن كاد ليمسنا في خلاف ابن الخطاب عذاب عظيم، ولو نزل العذاب ما أفلت إلا عمر"."٢"
فكيف يمكن لعاقل أن يقول إن القرآن من عند النبي صلي الله عليه وسلم، وهو هنا يرد اجتهاد نفسه، ويحكم بأن الصواب هو ما قاله أحد أصحابه، ويتهدد بالعذاب، وأليم العقاب.
لا يمكن لعاقل أن يقول إن صاحب هذا النص الذي يتهدد بالعذاب، بسبب الحكم، هو نفسه المجتهد في الحكم، وهو النبي صلي الله عليه وسلم، والذي كان يبكي من الخوف من عقوبة الله بسبب ذلك الحكم.
"٢" عزاه السيوطي في الدر المنثور "٤/١٠٨" إلى ابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه من طريق نافع عن ابن عمر رضي الله عنه.