يلزم له أن يكون إشراق الشمس على الأرض كلها في لحظة واحدة، ثم تغيب عن الأرض كلها، فتكون الأرض كلها قريب اثنتي عشرة ساعة في ظلام دامس، وهذا غير واقع وغير صحيح، أما إذا كانت كروية فإن معنى ذلك أن النهار يدفع الليل، والليل يدفع النهار، فكلما ظهرت الشمس على جهة دخل الليل على الجهة المقابلة، وهكذا فهذا صريح في تكوير الأرض.
وهذا يخالف ما كان فهمه كثير من العلماء، من أن الأرض ممتدة مبسوطة، وليست مكورة مستدلين على ذلك بقوله تعالى: ﴿وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا﴾. ويذكر بعض العلماء أن في هذه الاية دليلاً صريحاً على كروية الأرض، وذلك أنها لو كانت مبسوطة كسطح الطاولة مثلاً فإنه لا يمكن أن تمتد، وإنما سيتوقف الماشي عليها والسالك فيها بخط مستقيم، حين ينتهي إلى حافتها ونهايتها، أما مع تكويرها فإنك إذا سلكت أي اتجاه فإنك لا تصل إلى نهاية ولو مشيت عمرك كله، لأنك تستدير عليها."١"
٢- قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً﴾ [الفرقان: ٥٣].
وقال تعالى: ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ، بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ﴾ [الرحمن: ١٩-٢٠].
اختلف المفسرون في بيان الحاجز بينهما، فقيل: هو اليابسة، كما ذكر ذلك ابن جرير عن ابن عباس، وعن الحسن البصري، وهو الذي رجحه ابن كثير، وقال:" برزخاً أي حاجزاً، وهواليبس من الأرض.