تجديد النية إذا جامع أو أمل بعدها واستدل به على جواز لمن شك في طلوع الفجر لأنه تعالى أباح الأكل إلى التبين مع الشك خلافاً لمالك، واستدل به مجاهد على عدم القضاء والحالة هذه إذا بان أنه أكل بعد الفجر لأنه أكل في وقت أذن له فيه. وأخرج سعيد ابن منصور عنه قال إذا تسحر الرجل وهو يرى أن عليه ليللاً وقد كان طلع الفجر فليتم صومه لأن الله تعالى يقول ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ﴾.
وإذا أكل وهو يرى أن الشمس غابت ولم تغب فليقضه لأن الله تعالى يقول ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾
واستدل به اللخمي على إجزاء النية مع الفجر، لأنه إذا كان الأكل مباحاً إلى الفجر لم تجب النية إلا في الموضع الذيفيه الإمساك، واستدل به قوم على صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو يجامع فنزع في الحال أو في فيه طعام فلفظه بطريق الإشارة السابقة. قلت ويستدل بقوله ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ﴾
على أن المراد بالجر في الصومونحوه من الأحكام ما يظهر لنا لا ما في نفس الأمر، وبقوله: ﴿الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ﴾
على أن المراد بالفجر المعترض دون المستطيل، بقرينة قوله: ﴿الْخَيْطُ﴾
كما لا يخفى، وفي الآية رد على من جعل أول الصيام لأمن طلوع الشمس وقوله: ﴿وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ﴾.
فسره ابن عباس في رواية بالولد وفي ا×رى بليلة القدر أخرجهما ابن أبي حاتم ففيه استحباب طلب ليلة القدر وأن ينوي بالجماع النسل ولإقامة السنة دون مجرد اللذة، وقال قتادة وابتغوا الرخصة التي كتب الله لكم، ففيه كراهية ترك الرخصة واستحباب فعلها.
قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾.
استدل بعمومه على الإفطار باليسير وبما لا يغذي، واستدل به على أنه لا يجوز الأكل لمن شك في الغروب وعلى تحريم الوصال. روى أحمد من طريق ليلى امرأة بشير بن الخصاصية قالت: أردت أن أصوم يومين مواصلة فمنعني بشير وقال إن رسول الله - ﷺ - نهى عنه وقال يفعل ذلك النصارى ولكن صوموا كما أمر الله: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾، فإذا كان الليل فأفطروا. وروى الطبراني في الأوسط بسند لا بأس به عن أبي ذر أن رسول الله - ﷺ - واصل يومين فأتاه جبريل فقال إن الله قبل وصالك ولا يحل أحد بعدك وذلك بأن الله قال: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾، فلا صيام بعد الليل.


الصفحة التالية
Icon