قوله تعالى: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾.
فيه مشروعية الاعتكاف واختصاصه بالمسجد وعدم اختصاص بالجامع أو المساجد الثلاثة وتحريم المباشرة فيه جماعاً وغيره، واستدل به بعضهم على أنه إذا خرج من المسجد فجامع خارجاً لا يبطل اعتكافه لأن حصر المنع من المباشرة حال كونه في المساجد، قال الكيا: ويجاب بأن معناه لا تباشروهن حال ما يقال لكم إنكم عاكفون في المساجد، ومن خرج من المسجد لقضاء الحاجة فاعتكافه باقٍ. استدل به لعضهم على أن الاعتكاف يصح في غيرالمسجد وأن تحريم المباشرة خاص بمن اعتكف في المسجد فاعتبر مفهوم: ﴿فِي الْمَسَاجِدِ﴾.
والجمهور اعتبروا مفهوم: ﴿عَاكِفِينَ﴾.
واستدل به أبو حنيفة على صحة اعتكاف المرأة في غير المسجد دون الرجل، بناء على أنها لا تدخل في خطاب الرجال وعلى اشتراط الصوم في الاعتكاف لأنع قصر الخطاب على الصائمين فلو لم يكن الصوم من شرط الاعتكاف لم يكن لذلك معنى وعلى أنه لا يكفي فيه أقل من يوم كما أن الصوم لا يكون أقل من يوم.
١٨٨- قوله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ﴾ الآية.
فيه تحريم أكل المال بغير وجه شرعي وله صور كثيرة. روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه كان يكره أن يبيع الرجل الثوب ويقول لصاحبه أن كرهته فرد معه درهماً، فهذا كما قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾.
وفيه تحريم الرشوة كما فسر بها قوم. ﴿وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ﴾
وتحريم المخاصحة بغير حق، قال مجاهد في الآية: لا تخاصم وأنت تعلم أنك ظالم، أخرجه سعيد بن منصور وفيه: أن حكم الحاكم لا يحل باطلاً وأنه يحكم بالظاهر وهو مصيب في فعله لا في الواقع.
١٨٩- قزله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ﴾.
فيه أن كل شهر اعتبره الشرع فهو هلالي لا عددي، واستدل به الحنيفة على جواز الإحرتم بالحج في كل السنة، والآية في الحقيقة دليل عليهم لا لهم لأنه لو كان كما قالوا لم يحتج إلى الهلال في ذلك، وإنما احتاج إليه لكونه خاصاً بأشهر معلومة فاحتيج إليه ليميزها عن غيرها، وأخرج الحتكم وغيره من حديث ابن عمر قال: قال رسول الله - ﷺ -: "جعل الله الأهلة مواقيت للناس فصوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليمن فعدوا ثلاثين يوماً".