وجماعته، فالإعجاز عنده هو: أن الله قد صرف قدرات عباده وسلب همتهم وحبس ألسنتهم عن الإتيان بمثله.
وإتماما للفائدة فإنه إذا كان النظام أول من جاهر بالقول بالصرفة، إلا أن ابن الراوندي أحمد بن يحيى المتوفى سنة ٢٤٥ في كتابه "فضيحة المعتزلة" الذي رد به على كتاب الجاحظ "فضيلة المعتزلة" هو أول من أثار مذهب الصرفة المشهور ونَسَبَهُ إلى أبي إسحاق إبراهيم النظام، وذلك ما أورده أبو الحسين عبد الرحيم بن محمد بن عثمان الخياط المعتزلي في كتابه "الانتصار" الذي ينقض فيه كتاب ابن الراوندي "فضيحة المعتزلة" (١).
والتعريف الأول يجعل مصدر الإعجاز علو منزلة القرآن عن مستوى الطوق البشري.
والتعريف الثاني يجعل المصدر حبس القدرات وصرف الهمم عن معارضته وتقليده، فالمنع هو المعجز وليس القرآن.
وابن حزم يروي في كتابه الفصل (٢) كلاما عزاه إلى الباقلاني إذ يقول عنه: "ورأيت للباقلاني في فصل من كلامه، أن الناس ليسوا بعاجزين عن مثل هذا القرآن ولا قادرين عليه، ولا هم عاجزون عن الصعود إلى السماء، ولا عن إحياء الموتى، ولا عن خلق الأجسام ولا اختراعها، ولا قادرين على ذلك. هذا نص كلامه دون تأويل منا عليه، ثم قال: إن القدرة لا تقع إلا حيث يقع العجز"

(١) قضية الإعجاز القرآني صـ١٤٣.
(٢) الفصل جـ٥، صـ١١.


الصفحة التالية
Icon