يوم نفسا تقرأ في كل مرة أول مرة، إذ حين تقرؤه ألف مرة تكون كمن قرأ ألف كتاب، ومن يستزده يزده.
"ومن إعجاز القرآن أن يظل مشغلة الدارسين والعلماء جيلا بعد جيل، ثم يبقى أبدا رحب المدى سخيَّ المورد، كلما حسب جيل أنه بلغ منه الغاية امتد الأفق بعيداً وراء كل مطمح، عاليا يفوق طاقة الدارسين (١) ".
وتجلت عظمة الإسلام في كون معجزتِه الخالدةِ هو القرآن، والقرآن كلام، وكل ما عدا الكلام في تغير وتطور مستمر، والكلام البشرى وحده الذي إن لم يقل في عطائه لم يزد، وكل كلام له حد يبلغه معناه، والقرآن لا حد لمعناه وإن حصر كلامُه بين دفتي المصحف.
إنه لبرهان خالد ساطع الدلالة على صحة الدعوة الإسلامية الخاتمة وصدقها.
ولما كانت اللغة مطايا المعاني تبدى لدى الأوائل أن الكلام من حيثيات مختلفة مقصود التحدي فأبدى المختصون منهم وجوه إعجاز فيما يتعلق بلغة القرآن ونظمه، وأساليب الكلام وسائر ما عَنَّ لهم وعَرض في دراستهم. فتشعبت في ذلك فنون وعلوم، ونشأت معارف.
وحين تحَّوَل العرب من جودةٍ إلى اختلالٍ في أركان القريحة العربية في قواعدها وألفاظها نجد تحولا عجيبا يؤكد بقاء هذا الكتاب على نفس صورة عظمته لدى الأوائل، فكانت وجوه الإعجاز مضيئة عمر الأمة الخاتمة منذ عهدها الأول وحتى عصرنا هذا، وإلى ما شاء الله.