وما مَنْعُهُمْ عن مماثلة القرآن بمانع لهم من كلامهم الخاصِّ البليغ، ولا من عِلْمِ فضل القرآن على كلامهم، فليس على هذا الأساس - يقينا بنى القول بالصرفة، فإن النفوس لا يعلم محتواها إلا الله.
٣- والذاهبون إلى أن إعجازه من جهة البلاغة في القول الذي اختص به القرآن وهم الأكثر من علماء النظر، يعلل منهم الخطابي هذا الوجه بقوله "وقد استقرينا أوصافه (١) الخارجة عنه، وأسبابه الثابتة منه، فلم نجد شيئا منها يثبت على النظر، أو يستقيم في القياس ويطرد في المعايير، فوجب أن يكون ذلك المعنى مطلوبا من ذاته، ومستقصى من جهة نفسه، فدل النظرُ وشاهدُ العبرِ على أن السببَ له والعلةَ فيه أن أجناسَ الكلام مختلفة، ومراتبها في نسبة التبيان متفاوتة، ودرجاتها في البلاغة متباينة غير متساوية، فمنها:
١- البليغ الرصين الجزل.
٢- ومنها الفصيح الغريب السهل.
٣- ومنها الجائز الطلق الرسل.
وهذه أقسام الكلام الفاضل المحمود دون النوع الهجين المذموم، الذي لا يوجد في القرآن شيء منه البتة.