عنه حين قال "لا يكون الرجل فقيها حتى يحمل الآية الواحدة على محامل متعددة (١)
ويدور القرآن مع الزمن فيفيض عليه من سَيْبه حسب طلعة السائرين على مدرجات هذا الزمن، وكلما امتدت إليه يد لم يُصْفِرْها، أو لهفة ظمأى ما صد عنها، بل كان الرُّواء، يعطى لكلٍ شِرْبَه، وعلى حسب الدِّلاء يكون العطاء.
اثنان لا يخجل أحدهما من الآخر ولا يستحِي منه ولا يعارضه، القرآن كتاب الله المقروء، والكون كتابه المنظور، لذلك لا تصادفُ نَفْرةً من أحدهما في مواجهة الآخر.
ولقد قال الله تعالى: ﴿قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ﴾ (يونس: ١٠١) وحين كفّ الإنسان نظره عن رؤية القدرة الإلهية في الكون، أنزل الله كلمته المسموعةَ في هذا القرآن فألح القرآن في دعوته إلى أن يُفْترى شئ من مثله، وإذ قالوا: افتراه وليس من عند الله دعاهم إلى افتراءِ مثله، وعجزوا جميعا متظاهرين متعاونين أو فرادى ناكصين ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً﴾ (الإسراء: ٨٨).
واستحكمت الغيرة في نفوس العلماء وراعهم أن ينال أحد من كتاب الله فأخذوا في بيان إعجازه وجوها عدة. حتى أفضت الدراسة إلى اعتبارِ رُؤيةِ التطابق بين القرآن وآفاق الكون في علوم العصر الحديثة وُجوهاً للإعجاز، أو بينه وما في النفس من دقائق الأسرار.