فالنبوءات لا يلزم صدورها عن نبي أو كتاب منزل عليه من ربه، والشواهد على ذلك كثيرة، والكشوف الحديثة أولَ ما تبرزُ معالِمُها لا تكون في القرآن بل يكون بدء العلم بها من خارج القرآن، ثم يعالَجُ التوافق بتغيير المفهوم القرآني ليتفق مع ما تجلى من كشفيات علمية حديثة.
والنبي محمد ﷺ خالف في قدره السامي عند ربه جماعة الأنبياء، فكانت له المعجزة الحسية بخرق العوائد ثم عودتها إلى ما عهد منها من قبل وكانت منه نبوءات تحقق منها ما وعد به أو توعد. وكل هذا كان بعيدا عن القرآن ليسجل على الناس جميعا أن هذا النبي يحمل دلائل نبوته على نحو ما كان عليه الأنبياء من قبل وله فضل زيادة بقاء المعجزة الخالدة في القرآن الكريم.
وحين يوقفنا القرآن الكريم على مشاهد آثار القدرة الإلهية في الكون يؤكد ضرورة ابتعاث رسل خاصة من نفوسنا تشاهد إعجاز القدرة الإلهية في كون الله ليتجدد الإقرار بأن "لا إله إلا الله" قل انظروا ماذا في السموات والأرض وما تغنى الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون " وهو تعجيز لقدرة البشر لا لكلامهم. ولا يتصور أن يخلو كتاب سماوي من إخبار بغيوب سواء منها ما كان ماضيا، أو مستقبلا، أو حاضراً مكانيا، ومع هذا لم ينل حظَّ الإعجاز كتابُُ غير القرآن الكريم.
ولابد من الإبقاء على الوجه الأول الذي وُوجِه بِه العربُ عند تحديهم، فما كان لهم في أول الأمر من علم بما صارت عليه بوارق المعاني المستوحاة من خارج النص القرآني كنص عربي.
لكل هذا كان الكلام بما يحمل من خصائص اللغة العربية هو مبعث رؤية الإعجاز عند العرب جميعا.


الصفحة التالية
Icon