وابن القيم إمام الجوزية في الفوائد المشوق إلى علم القرآن وعلم البيان (١) له سبيل يماثل به ما انتهجه السكاكي في ذكره وجوه الإعجاز والرد على ما لم يرتض منها إذ يقول: " قد تكلم العلماء في ذلك:
١- فقال قوم إعجازه من جهة إيجازه واحتواء لفظِهِ القلِيل على المعاني الكثيرة "ولكم في القصاص حياة" واعترض بأنه في السُّنَّة وكلام العرب، ما هو كذلك.
٢- وقال قوم إعجازه من جهة حسن تركيبه وبديع ترتيب ألفاظه وعذوبة مساقها وجزالتها وفخامتها وفصل خطابها.
٣- وقال قوم من غرابة أسلوبه العجيب، واتساقه الغريب، الذي خرج عن أعاريض النظم، وقوانين النثر، وأساجيع الخطب، وأنماط الأراجيز، وضروب السجع. وقد اعترض على هذا القول من وجوه:
أ- لو كان الابتداء بالأسلوب معجزا لكان الابتداء بأسلوب الشعر معجزا.
ب- الابتداء بأسلوب لا يمنع الغير من الإتيان بمثله.
ت- أن ما تعاطاه مسيلمة من الحماقة في معارضة "إنا أعطيناك الكوثر - والطاحنات طحنا" هو أسلوب في غاية الفظاعة والركاكة وكان مبتدئا به ولم يُعَدَّ ذلك معجزاً بل عُدَّ سخفا وحمقا.
ث- لَمَّا فاضَلْناَ بين قوله تعالى: " ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾ "وقولهم "القتل أنفى للقتل" لم تكن المفاضلة بسبب الوزن، وإنما تعلق الإعجاز بما ظهرت به الفضيلة.
ج- إن وصف القرآن بأن له لحلاوة وأن عليه لطلاوة لا يليق بالأسلوب.

(١) الفوائد المشوق صـ٢٤٦-٢٥٥ بتصرف.


الصفحة التالية
Icon