٤- وقال قوم إعجازه بمجموع هذه الوجوه الثلاثة.
ويقول ابن القيم: إن هذا كلام يحتاج إلى نظر لأن مجموع هذه إنما تكون معجزة في حق العرب خاصة، لأن الفصاحة والبلاغة جِبِلَّةٌ فيهم ولا يُمَارِيهم في التفرد بها مُمَارٍ ذُو عِنَاد، وأذعنت الأمم إليهم فيها، فجاءهم القرآن بقاصمة الظهر ودُعُوا إلى المعارضة فلم يُقْدِمُوا، وأما الأعاجم فلا تقوم عليهم بذلك حجة، ولا تصح فيهم به معجزة لأنهم معترفون أن الفصاحة ليست من شأنهم، والله أرسل محمدا ﷺ إلى الخلق كافة، ولا يثبت إعجازه على الكافة إلا بما يعزب على الكافة الإتيان بمثله مع اعترافهم بأن في مقدورهم من جنسه".
أقول: وإذا كان العرب قد اختصوا بوجه الإعجاز من حيث كون القرآن كلاما فإن غير العرب يمكن أن يكون لهم وجه الإعجاز من حيث ما يحمله ذلك الكلام من جملة ما ذكر من وجوه الإعجاز العلمي حين تعتبر على النحو الذي سنتحدث عنه لاحقا إن شاء الله.
وأردف ابن القيم وجها يمكن كذلك اعتباره لغير العرب ولم يقدم غَيْرَهُ عليه وليس لأحد معرفة قَصْدِه من ترك الفصل بين الثلاثة وجوه السابقة، وبين ما أتى بعدها، وعلى كل حال فقد أورد خامس الأقوال على هذا النحو:
٥- وقال قوم: إنما وقع إعجازه بما فيه من المعاني الخفية والجلية وفنون العلوم النقلية والعقلية، وأصحاب هذا القول لهم في ذلك خمسة مذاهب:
أ- منهم من قال: إعجازه فيما جاء فيه من أخبار القرون السالفة في الأماكن القاصية والدانية وقد نزل على أمي لا يقرأ ولا يكتب، ولم يكن بأرضه


الصفحة التالية
Icon