مناط الإعجاز في القرآن الكريم
إجماع أهل العلم المعتد بإجماعهم، والذى ارتضته الأمة منهم منعقد على أن القرآن الكريم معجز بذاته، أى بلفظه الذى نزل به جبريل على رسول الله ﷺ وهو ما يتعلق- من بين أوجه الإعجاز-بالناحية البلاغية ابتداءً، مع ما تضمنه القرآن من أوجه أخرى ترجع إلى ذاته لفظاً ومعنى، وهو ما سيأتى تفصيل له في ثنايا البحث إن شاء الله تعالى عند الكلام على تأصيل قضية الإعجاز تاريخيا في كتابات العلماء قديما وحديثا، وكذلك عند الكلام على هذه الأوجه تفصيلا فيما تمخضت عنه هذه المصنفات.
ولكن يحسن قبل- ذلك- حتى يصفو ذهن القارئ وعقله لتدبر ما يمكنه من أوجه الإعجاز في القرآن الكريم-أن ننبه إلى دفع قول في مضمار الكلام على الإعجاز شاع في ساحة التناول لهذا الموضوع على الرغم من فقدانه لأى دليل معتبر يسنده من عقل صحيح، أو واقع تاريخى، بل تتظاهر الأدلة كلها ضده، مما يحكم ببطلانه.
وقد كان بالإمكان- بل وكنانميل- أن نضرب عن ذكره صفحاً إلا أن تردد صداه في مصنفات الإعجاز قديما وحديثا وإن كان مقرونا ببيان بطلانه –جعلنا نرى أن الإشارة إليه مع رده ولو بإجمال أمر لازم، حتى لا يجيء البحث خلوا من ذلك فيقع في وهم القارئ ولو احتمالا أن هذا القول له حظ من القبول، وأعنى بهذا القول ما شاع بين البعض من أن أساس الإعجاز في القرآن هو الصرفه، فما شأن القول بالصرفة هذا؟؟
القول بالصرفة يقوم أساساً على اعتبار أن القرآن في ذاته، أى بلفظة وأسلوبه غير معجز، وأن عدم إتيان العرب بمثله ليس علته عدم قدرتهم على


الصفحة التالية
Icon