من الصرف، أو يمنعه من الإتيان بمثله ضرباً من المنع، أو يقصر دواعيه دونه مع قدرته عليه ليتكامل ما أراده الله من الدلالة ويحصل ما قصده من إيجاب الحجة، لأن من قدر على نظم كلمتين بديعتين لم يعجز عن نظم مثلهما، وإذا قدر على ذلك قدر على ضم الثانية إلى الأولى وكذلك الثالثة حتى يتكامل قدر السورة، فالجواب:..) (١).
وظاهر مما قاله العلماء-على هذا الرأى –أن إعجاز القرآن لم ينشأ من أنه قد بلغ في بلاغته حد الإعجاز الذى لا تطيقه قدرة البشر، بل لصرف من وقع عليهم التحدي عن التوجه للمعارضة، وأن أسباب هذا الصرف ترجع إلى:
أ-انعدام الدواعى الباعثة على هذه المعارضة
ب- عدم النشاط والانبعاث إلى المعارضة، وبالتالي عدم تعلق الإرادة بها مع وجود الدواعي إليها.
جـ- تعطيل المواهب البيانية، وتعويق القدرة البلاغية، وسلب الأسباب العادية إلى المعارضة، وذلك على نحو مفاجئ عند المحاولة، رغم تعلق الإرادة بها، وتوجه الهمة إليها.
وظاهر كذلك مما سبق أن هذا القول بما بني عليه يسلب القرآن الكريم خاصة إعجازه الذاتية، وهو من الخطورة بالقدر الذى يترتب عليه فقد أهم دلائل صدق رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك فإنه قول ساقط بذاته عند أدنى فكر وتأمل، ولا يحتاج في إبطاله إلى عناء، وسوف نشير بإيجاز إلى أوجه بطلانه تحقيقا لما أشرنا إليه من عدم الإطالة، وتوفيراً للجهد وادخاراً له لبيان الأوجه المعتبرة عند العلماء في إعجاز القرآن.