قضية الإعجاز: تأصيل تاريخي وأقوال في أوجه هذا الإعجاز
شهد القرن الثانى وأوائل القرن الثالث الهجريين مقولة النظام (ت سنة ٢٢٤هـ‍) بالقول بالصرفة في إعجاز القرآن-كما سبق بيانه- وما إن شاعت تلك المقولة حتى استنفرت أمة القرآن بعقول العلماء لردها، وبيان بطلانها كما أوضحنا من قبل، وكذلك لإبراز أوجه إعجاز القرآن الكريم المتعددة.
فنهض أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (ت سنة٢٥٥هـ‍) في القرن الثالث الهجرى لهذا الأمر، فصنف كتابا سماه: (نظم القرآن) وهو كتاب غير موجود، وإنما تشير إليه المراجع الأخرى من كتب الجاحظ نفسه، أو من كتب غيره.
تقول الدكتورة عائشة عبد الرحمن: (في القرن الثالث ظهرت كتب في الإعجاز تحمل في الغالب عنوان- نظم القرآن- وللجاحظ كتاب بهذا الاسم لم يصل إلينا وإن كان الجاحظ أشار إليه في كتابه "الحجج") (١).
وقديما قبل ذلك أشار الباقلانى رحمه الله تعالى إلى هذا الكتاب وإن لم يورده في موضع الثناء، إذ رأى أنه لم يأت فيه بجديد يعول عليه، قال: (وقد صنف الجاحظ في "نظم القرآن" كتابا لم يزد فيه على ما قاله المتكلمون قبله، ولم يكشف عما يلتبس في أكثر هذا المعنى) (٢).

(١) الإعجاز البيانى للقرآن: ١٩
(٢) إعجاز القرآن للباقلانى: ٢٤


الصفحة التالية
Icon