الحسن والبلاغة مبلغه يمل مع الترديد، ويُعادى إذا أعيد، وكتابنا يستلذ به في الخلوات، ويؤنس بتلاوته في الأزمات) (١).
ثم توالت المؤلفات في الإعجاز عبر القرون التالية، فكتب الإمام فخر الدين الرازي (ت سنة ٦٠٤هـ) كتابه (نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز) وكتب أبو يعقوب يوسف بن أبى بكر محمد بن على السكاكى (ت سنة٦٢٦هـ) كتابه (مفتاح العلوم) وقد بحث فيه قضية الإعجاز، فبدأ عرض هذه القضية بالتسليم بأن إعجاز القرآن من جهة نظمه وبلاغته أمر لا نقاش فيه ولا جدال عليه، إلا أنه يلزم لإدراك ذلك- وهو لا يدرك إلا بالتذوق-ما يلزم من تربية حاسة الذوق التى تكشف عن أسرار القرآن وإدراك بلاغته وأساليبه، وذلك بتدريب المبتدئين، والأخذ بأيديهم ووضعها على مفاتيح العلوم التى تربى فيهم ذلك الذوق (٢).
وفي القرن السابع كذلك كتب أبوعبد الله محمد بن أحمد الأنصارى القرطبى (ت سنة٦٧١هـ) فصلا في مقدمة تفسيره: (الجامع لأحكام القرآن) ذكر فيه نكتا في إعجاز القرآن ووجوه ذلك الإعجاز عدّد فيها تلك الوجوه، وجعلها في عشرة: النظم البديع، والأسلوب المخالف لجميع أسإليب العرب، والجزالة التى لا تصح من مخلوق بحال، والتصرف في لسان العرب على وجه لا يستقل به عربى، والإخبار عن الأمور التي تقدمت في أول الدنيا إلى وقت نزوله، من أمى ما كان يتلو من قبله من كتاب ولا يخطه بيمينه، والإخبار عن المغيبات في المستقبل إلى آخر ما عده من ذلك (٣).
(٢) يراجع في ذلك: إعجاز القرآن ونظمه عند السكاكى للدكتور فوزى عبد ربه: ٩٠.
(٣) يراجع ذلك في مقدمة تفسير القرطبى: ١/٧٣ وما بعدها طبع الهيئة المصرية العامة للكتاب سنة١٩٨٧.