قْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} (آل عمران: ٤٤). وفي قصة يوسف عليه السلام يقول: ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ﴾ (يوسف: ١٠٢). وفي قصة موسى عليه السلام يقول ﴿وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ (القصص: ٤٦).
الفرض الثاني: أن يكون النبي ﷺ قد قرأ هذه القصص، وعرف أخبارها من مصادر مكتوبة، ثم نقلها إلى القرآن، وذلك مردود بأنه كان أميا لا يقرأ ولا يكتب، وتلك حقيقة عرفها العرب، كما سجلها القرآن واحتج بها عليهم ﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ﴾ (العنكبوت: ٤٨).
الفرض الثالث: أن يكون قد تعلمها تلقيا ومشافهة عن غيره، وذلك مردود بأنه لم يعرف عنه ﷺ أنه جلس إلى معلم أو تلقى عن أحد، ولما حاول المشركون ادعاء ذلك عليه ﷺ وقعوا في عثرة عمرهم، وسوءة فعلهم، فقد فضحهم القرآن إذ نسبوا تعليمه إلى حداد رومي لا يدرى شيئا عن أخبار السابقين، ولا يعرف شيئا عن فصاحة العربية وبلاغتها: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ﴾ (النحل: ١٠٣).
لم يبق إلا الفرض الرابع والأخير، وهو الحق الذي لا معدل عنه، وهو أن النبي ﷺ قد أوحى إليه بها في جملة ما أوحي إليه من القرآن، فهي حق من حق كما وصفها الله تعالى في أكثر من موضع: ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ﴾ (آل عمران: ٦٢). ﴿نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَأِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ﴾ (القصص: ٣). ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ﴾ (الكهف: ١٣).


الصفحة التالية
Icon