فإذا أضفنا إلى ذلك أن كثيراً من قصص القرآن قد سبق ذكره في كتب أهل الكتاب من التوراة والإنجيل، وأن أحداً من هؤلاء لم يستطع أن يطعن في حقيقة من حقائق القصص القرآيى-بل القرآن هو الذي صوب لهم- عرفنا يقينا، وقامت الحجة وألزمت الجميع أن هذا القصص بما جاء فيه كله وحي من عند الله عز وجل.
وهنا ننبه كما نبهنا في الوجه السابق أن هذا الوجه دليل إعجاز لا يستقل بإثبات ذلك للقرآن سورة سورة، وآية آية، فهناك سور كثيرة تخلو من القصص وأخبار السابقين، وعليه فإن موطن التحدي هنا إنما يواجه من كان في مثل حال النبي ﷺ -في الفروض التي ذكرنا آنفاً- أن يجيء بمثل ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
خامسا: الإعجاز النفسي
يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله تعالى:
(ما أظن امرأ سليم الفكر والضمير يتلو القرآن أو يستمع إليه ثم لا يزعم أنه لم يتأثر به: قد نقول: فلم يتأثر به؟ والجواب أنه ما من هاجس يعرض للنفس الإنسانية من ناحية الحقائق الدينية إلا ويعرض القرآن له بالهداية وسداد التوجيه.
(إن القرآن الكريم بأسلوبه الفريد يرد الصواب إلى أولئك جميعا، وكأنه يعرف ضائقة كل ذي ضيق، وزلة كل ذي زلل، ثم تكفل بإزاحتها كلها، كما يعرف الراعي أين تاهت خرافه، فهو يجمعها من هنا وهناك، لا يغيب عن بصره ولا عن عطفه واحد منها… حتى الذين يكذبون بالقرآن


الصفحة التالية
Icon