ففهم الحجة فاستدركها بلطيف طبعه، ثم قال (فلهذا انزعج جبير حتى كاد قلبه يطير، ومال إلى الإسلام) (١).
ومن هذا القبيل كذلك ما ورد في قصة إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عند سماعه القرآن في بيت أخته فاطمة وكانت قد سبقته إلى الإسلام، والقصة وإن لم ترد من طريق صحيحة إلا أن دلالتها غير منكورة.
قال الدكتور أكرم ضياء العمري في عرضه لقصة إسلام عمر رضي الله عنه: (أما قصة استماعه القرآن يتلوه الرسول ﷺ في صلاته قرب الكعبة، وعمر مستخف بأستارها، وكذلك قصته مع أخته فاطمة حين لطمها لإسلامها، وضرب زوجها سعيد بن زيد، ثم اطلاعه على صحيفة فيها آيات وإسلامه، فلم يثبت شيء من هذه القصص من طريق صحيحة.
ولكن الحافظ ابن حجر ذكر بأن الباعث له على دخوله الإسلام ما سمع في بيت أخته فاطمة من القرآن. (٢)
(ولا شك أن القرآن ببيانه الساحر، وروعة تصويره لمشاهد القيامة، وصفة الجنة والنار كان له تأثير في اجتذاب عمر إلى صف المسلمين، لأن عمر كان يتذوق الكلام البليغ ويعجب به، وعدم ثبوت الروايات حديثياً لا يعنى حتمية عدم وقوعها تاريخياً) (٣).
أما التأثير الذي قوبل بالعناد لدفعه وعدم الاستسلام له، فمن أمثلته ما ذكره السيوطي وغيره من مجيء عتبة بن ربيعة إلى النبي ﷺ وكلامه إياه فيما جاء به قومه مما يخالف ما هم عليه، وأن النبي ﷺ تلا عليه سورة فصلت إلى

(١) فتح الباري: ٨/٦٠٣
(٢) يشير إلى ما ذكره ابن حجر في الفتح: ٧/١٧٦
(٣) السيرة النبوية الصحيحة: ١/١٨٠، ١٨١


الصفحة التالية
Icon