قوله تعالى: ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ﴾ وعند ذلك أمسك عتبة بيده على فم رسول الله ﷺ وناشده الرحم أن يكف، وأنه قام لا يدري بما يراجع رسول الله صلى الله عليه وسلم: ورجع إلى أهله ولم يخرج إلى قومه حتى أتوه فاعتذر لهم وقال: والله لقد كلمني بكلام والله ما سمعت أذناي بمثله قط، فما دريت ما أقول له (١). وعاند عتبة وظل على كفره، وكان من قتلى المشركين في بدر.
ومن هذا القبيل كذلك ما أخرجه الحاكم (٢). وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقرأ عليه القرآن، فكأنه رق له، فبلغ ذلك أبا جهل، فأتاه فقال: يا عم إن قومك يرون أن يجمعوا لك مالا، قال: لم؟ قال: يعطونكه، فإنك أتيت محمدَّا لتعرض لما قبله، قال: قد علمت قريش أنى من أكثرها مالاً، قال: فقل فيه قولاً يبلغ قومك أنك منكر له وأنك كاره له، قال: وماذا أقول؟ فوا لله ما فيكم رجل أعلم بالأشعار مني، ولا أعلم برجز ولا بقصيدة مني، ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه الذي يقوله شيئا من هذا، ووالله إن لقوله لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله، وإنه ليعلو وما يعلى، وإنه ليحطم ما تحته، قال: لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه، قال: فدعني حتى أفكر، فلما فكر قال: هذا سحر يؤثر يأثره عن غيره، فنزلت ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً. وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُوداً﴾ إلى قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ. فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ. ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ. ثُمَّ نَظَرَ. ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ. ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ. فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ﴾ (المدثر: ١١-٢٦).

(١) يراجع في ذلك: الدر المنثور للسيوطي: ٧/٣١٠، ٣١١
(٢) المستدرك: كتاب التفسير، تفسير سورة المدثر: ٢/٥٠٦، ٥٠٧


الصفحة التالية
Icon