الآيات القرآنية- طبعا بعد التأهل للقيام بهذه المسؤولية الخطيرة- وهى التعرض لكلام الله، وهذا التأهل يقتضي فهماً للغة العربية وقواعدها وأسرارها، وفهما لأسباب النزول، وفهما للناسخ والمنسوخ، وفهما للمأثور من تفسير رسول الله ﷺ لذلك لابد أن ينفر من كل جيل نفر من الناس يتأهلون لهذه العدة، ويعرضون فهما جديداً للآيات القرآنية، خاصة في مجال القضايا العلمية، والقضايا الكونية، بحيث لا يعتمد على التفسيرات القديمة فقط، ولذلك أقول: إن التفسير العلمي للقرآن الكريم لا نخاف أن نوظف فيه كل المعارف المتاحة من نظريات –فروض- حقائق علمية قطعية- القوانين، فكل هذا يوظف.
(أما بالنسبة للإعجاز العلمي، فلا يجوز لنا أن نوظف فيه إلا الحقائق العلمية القاطعة، لأن الإعجاز نريد به أن نثبت للناس مسلمين وغير مسلمين أن هذا القرآن العظيم الذي نزل على نبي أمي في أمة أمية قبل ١٤٠٠سنة يحتوي من حقائق هذا الكون على ما لم يستطع الإنسان أن يتوصل إلى معرفته إلا بعد جهود مضنية وقبل عشرات السنين فقط) (١).
وإذا كنا سنوافق هذا العالم الجليل على قوله، فلا بد من تحوُّط نسوقه بين يدي هذه الموافقة، وهو: أن المفسر للقرآن على هذا النحو، بل وكل مفسر ينبغي أن يصوغ عبارته بطريقة تفهم بأن ما قاله إنما هو فهمه من الآيات، الذي استطاع أن يتوصل إليه بعد أخذه بأدوات التفسير التي تؤهله لذلك، فلا يقطع بأن ما فهمه من الآية هو مراد الله تعالى منها.