الخطاب رضي الله عنه فقال: مَنْ يُقرئني ممَّا أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم؟ قال: فأقرأه رجلٌ ((براءة))، فقرأ ﴿أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾ (التوبة: ٣) بجرِّ ((رسوله)). فقال الأعرابي: أوقد بَرِئ الله من رسوله؟ فإن يكن الله بَرئ من رسوله فأنا أبرأُ منه. فبلغ عمر مقالة الأعرابي فقدعاه فقال: يا أعرابيُّ، أتبرأ من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: يا أمير المؤمنين إني قدمْتُ المدينة، ولا علم لي بالقرآن فسألت: مَنْ يقرئني؟ فأقرأني هذا سورة براءة فقال: ((أنَّ الله بريء من المشركين ورسولِه)) فقلت: أوقد بَرِئ الله من رسوله؟ إن يكن الله برئ من رسوله فأنا أبرأ منه. فقال عمر: ليس هكذا يا أعرابي. قال: فكيف هي يا أمير المؤمنين؟ قال: ((ورسولُه)). فقال الأعرابي: وأنا أبرأ ممَّن برئ الله ورسولُه منه، فأمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه ألاَّ يُقرئَ الناسَ إلا عالمٌ باللغة، وأمر أبا الأسود فوضع النحو.
ومع مرور الأيام تفشو ظاهرة اللحن في القرآن الكريم، إلى أن أصبحت بلاءً عاماً لا يخلو منه لسان كثير من الفصحاء، حتى الذين تربَّوا في البادية، فقد روى يونس بن حبيب أن الحجَّاج قال ليحيى بن يعمر: أتسمعني ألحن على المنبر؟ قال يحيى: الأمير أفصح من ذلك، فألحَّ عليه فقال: حرفاً. قال الحجَّاج: أياً؟ قال: في القرآن. قال الحجَّاج: ذلك أشنع له، فما هو؟ قال: تقول: ((قل إنْ كان آباؤكم وأبناؤكم …إلى قوله ﴿أَحَبَّ﴾ (التوبة: ٢٤)، فتقرؤها ((أحبُّ)) بالرفع، والوجه أن تُقرأ بالنصب على خبر كان (١).