المتبدِّلة في تراكيب العربية)) (١).
ارتبطت المعالم النحوية التي تركها أبو الأسود بواقع الحياة اللغوية البسيطة في عصره، وقد عُني في معالمه هذه بدَفع اللحن عن قراءة القرآن، حيث استخرج ضوابط الإعراب بحسب ما توفرَّ لديه من قدرات ووسائل (٢).
وينفي الدكتور شوقي ضيف (٣) أن يكون لعصر أبي الأسود علاقة بالشروع في بناء الظواهر النحوية. ولسنا في مقام تحقيق هذه النسبة، بيد أنه يهمنا أن نشير إلى إجماع المؤرخين قديماً وحديثاً إلى أنَّ الدافع الرئيس لهذه النشأة إنما هو قراءة القرآن على نحوٍ صحيح، وتَفَشِّي اللحن لدى عامة المسلمين وخاصَّتهم. وقد تحدث ابن خلدون في ((مقدمته)) (٤) عن فساد السليقة العربية ممَّا أدَّى إلى وقوع اللحن في القرآن، وشروع العلماء في حِفْظ اللسان، ولكنه لم يُحَدِّد مَن الذي بدأ هذه الجهود، يقول: ((لمَّا فسدت مَلكة اللسان العربي في الحركات المسمَّاة عند أهل النحو بالإعراب، واستُنْبطت القوانين لحفظها. فاسْتُعْمل كثير من كلام العرب في غير موضوعه عندهم، مَيْلاً مع هِجْنة المستعربين في اصطلاحاتهم المخالفة لصريح العربية، فاحتيج إلى حِفْظ الموضوعات اللغوية بالكتاب والتدوين خشية الدروس، وما ينشأ عن الجهل بالقرآن والحديث، فَشَمَّر كثير من أئمة اللغة

(١) المفصل في تاريخ النحو العربي ١٠١.
(٢) انظر: الإيضاح للزجاجي ٨٩، وفيات الأعيان ٢ / ٥٣٥، نزهة الألباء ٦.
(٣) المدارس النحوية ١٨.
(٤) المقدمة ٥٤٨.


الصفحة التالية
Icon