للفارسي و ((الكشف)) لمكي، والضرب الثاني يختص بالشاذِّ، ومنه ((المحتسب)) لابن جني، و ((إعراب القراءات الشاذة)) للعكبري، والضرب الثالث يجمع بين المتواتر والشاذِّ ومنه ((البحر المحيط)) لأبي حيان، و ((الدر المصون)) للسمين الحلبي. ويبدأ كل مصنف من هذه المصنفات بذكر صاحب القراءة وضبط قراءته، ثم يشرع في توجيهها حسب قوانين الصناعة، ويعربها ويشرح معناها، ويستشهد عليها من شعر العرب ومنثورهم، وقد يجتهد في إيجاد وحدة معنوية بين قراءتين أو أكثر، وقد لا يكون ثمة وحدة فيسعى المؤلف في التوجيه الذي يراه في ضوء علوم العربية المختلفة، مِنْ لغةٍ ونحو وصرف وبلاغة. ويمكننا أن نضرب ثلاثة أمثلة يمثِّل كل مثال منهجاً من مناهج التأليف المذكورة:
ذكر الشيرازي في ((الكتاب الموضِّح في وجوه القراءات وعللها)) (١) أن حمزة وحده قرأ ﴿أَسْرَى﴾ (البقرة: ٨٥) بغير ألف؛ وذلك لأنَّ ((أَسْرى)) أقيس من ((الأُسارى)) ؛ لأنَّ فَعِيلاً إنما جاء جَمْعُه على فَعْلى نحو: قتيل وقَتْلى، وجريح وجرحى، وأصل ذلك إنما يكون لِما كان بمعنى مفعول، وقد حُمِل عليه أشياء وقعَتْ مقاربةً له في المعنى نحو: مَرْضى، لمَّا كان هؤلاء مُبْتَلين بهذه الأشياء التي وقعت على غير اختيارهم، شُبِّهوا بالجرحى، إذ كانوا أيضاً كذلك. وقرأ الباقون ((أُسَارى)). ووجه ذلك أن ((أسيراً)) جُمع ههنا على ((أُسارى)) تشبيهاً بكُسالى، لَمَّا كان الأسير ممنوعاً عن

(١) الكتاب الموضح ١ / ٢٨٨.


الصفحة التالية
Icon