الصّواب واضحاً، ورَكِبَ منهجاً من الفضل لائحاً، فإنْ كَسَر اللاّمَ من "رسوله" كان كفراً بحتاً، وجهلاً قُحّاً.
وقد رُوِيَ أنّ أبا عمرو بن العلاء كان يقولُ العِلْمُ العربيَّةِ هو الدِّين بعينه، فبلغ ذلك عبد الله بن المبارك، فقال: صَدقَ؛ لأنِّي رأيت النصارى قد عبدوا المسيح لجهلهم بذلك، قال الله تعالى: "أنا ولَّدتك من مريم وأنت نبيّي" فحسبوه يقولُ: "أنا ولدتك وأنت بُنَيِّي" فبتخفيف اللام وتقديم الباء، وتعويض الضّمّة بالفتحة كفروا" (١).
ولا يتحقق فهم صحيح للقرآن، والحديث، والفقه، وسائر علوم الشرع إلاّ بتحقُّقِ فهم صحيح للغة: أوضاعها واستعمالاتها، تراكيبها وأبنيتها، معانيها وأساليبها، ولهذا قيل: "سبيل التفسير أن يرجع في تفسير ألفاظه إلى أهل اللغة" (٢).
وقال أيضاً: "لابُدَّ في فهم الشريعة من اتباع معهود الأميّين، وهم العربُ الذين نزل القرآن بلسانهم، فإن كان للعرب في لسانهم عرفٌ مستمرٌّ، فلا يصحّ العدول عنه في فهم الشريعة، وإن لم يكن ثمَّ عُرْفٌ، فلا يصحُّ أن يجريَ في فهمها ما لا تعرفُه، وهذا جارٍ في المعاني، والألفاظ، والأساليب... ولا يستقيم للمتكلِّم في كتاب الله أو سنة رسول الله أن يتكلَّفَ فيهما فوق ما يَسَعُه لسان العرب، وليكن شأنه الاعتناء بما شأنه أن تعتني العرب به،
(٢) القاسمي محمد جمال الدين (ت ١٣٣٢ هـ) محاسن التأويل، الناشر عيسى الحلبيّ، ط الأولى، ١٣٧٦ هـ - ١٩٥٧ م ١ / ١٠.