سبب نزول الآياتِ، ومقتضى الحال منها منقولاً عنه، كما عُلِم من قوله تعالى: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ [الفتح: ١] أنها نعي النبي ﷺ وأمثال ذلك.
ونقل ذلك عن الصحابة (رضوان الله تعالى عليهم أجمعين) وتداول ذلك التابعون من بعدهم، ونقل ذلك عنهم، ولم يزل متناقلاً بين الصدر الأوّل والسَّلف حتَّى صارت المعارف علوماً ودُوِّنتِ الكتبُ، فكُتِبَ الكثير من ذلك، ونُقِلَت الآثار الواردة فيه عن الصحابة والتابعين، وانتهى ذلك إلى الطَّبريِّ والواقديّ والثعالبي، وأمثال ذلك من المفسّرين، فكتبوا فيه ما شاء الله أن يكتبوه من الآثار، ثمّ صارت علوم اللسان صناعيّة، من الكلام في موضوعاتِ اللغة، وأحكام الإعراب، والبلاغة في التراكيب، فوضِعَتِ الدواوين في ذلك بعد أن كانت ملكاتٍ للعرب، لا يُرْجَعُ فيها إلى نقل ولا كتاب، فتنوسيَ ذلك، وصارتْ تُتلَقَّى من كتب أهل اللسان، فاحتيج إلى ذلك في تفسير القرآن؛ لأنّه بلسان العرب، وعلى منهاج بلاغتهم.
وصار التفسير على صنفين: تفسير نقليّ مسند إلى الآثار المنقولة عن السَّلفِ... والصنف الآخر من التفسير وهو ما يرجع إلى اللسان من معرفة اللغة، والإعراب، والبلاغة في تأدية المعنى، بحسب المقاصد والأساليب، وهذا الصِّنْفُ من التفسير قَلَّ أن ينفرد عن الأوّل؛ إذ الأوّلُ هو المقصود بالذات، وإنما جاء هذا بعد أن صار اللِّسان وعلومه صناعةً. ثم ذكر من هذا النوع تفسير الزمخشري وتفسير شرف الدين الطيبي (١).
وقد كانت الصلة بين علوم العربية وعلوم القرآن منذ نشأة علوم العربية،