العرب، واختلافها، والتبحُّر فيها، والاجتهاد في تعلّم العربيّة الصّحيحة التي بها نزل الكتاب، وورد البيان.
فعلينا أن نجتهد في تعلُّم ما يتوصَّلُ بتعلُّمه إلى معرفة ضروب خطاب الكتاب، ثُمَّ السُّنن المبيّنة لجمل التنزيل، الموضّحة للتأويل، لتنتفي عنّا الشبهة الداخلة على كثيرٍ من رؤساء أهل الزيغ والإلحاد، ثمّ على رءوس ذوي الأهواء والبدع، الذين تأوّلوا بآرائهم المدخولة، فأخطئوا، وتكلَّموا في كتاب الله (جلَّ وعزّ) بلكنتهم العجميّة، دُونَ معرفةٍ ثاقبةٍ، فضلّوا وأضلُّوا " (١).
ثمّ أردف كلاماً للشافعيِّ ببيان "أَنّ على الخاصَّة الّتي تقومُ بكفاية العامة فيما يحتاجون إليه لدينهم الاجتهاد في تعلّم لسان العرب ولغاتها، التي بها تمام التوصُّل إلى معرفة ما في الكتاب والسُّنن والآثار، وأقاويل المفسّرين من الصحابة والتابعين، من الألفاظ الغريبة، والمخاطباتِ العربيّة، فإنّ من جَهِلَ سعة لسان العرب وكثرة ألفاظها وافتنانها في مذاهبها جَهِلَ جُملَ علم الكتاب، ومن علمها، ووقف على مذاهبها، وفَهِم ما تأوّله أهل التفسير فيها، زالت عنه الشبه الدَّاخلةُ على من جَهِلَ لسانها من ذوي الأهواء والبدع" (٢).
هذه النصوص، والكلمات، وكثير غيرها في التُّراثِ اللُّغويِّ تهديك إلى الدّافع الحقيقيِّ وراء هذا التراثِ اللُّغويِّ المعجميّ، وهو خدمة القرآن وتيسير فهمه وتلاوته، ورفع ما يحيط بفهمه من شبه، ودحض صرفه إلى التأويلات الفاسدة، والآراء الزَّائغة.

(i) الأزهريّ أبو منصور محمد بن أحمد (ت ٣٧٠ هـ) تهذيب اللغة / تحقيق جماعةٍ / المؤسسة المصرية العامة للكتاب / القاهرة ١ / ٤ (مقدمة الكتاب).
(ii) الأزهري، التهذيب ١ / ٥ (المقدمة).


الصفحة التالية
Icon