كما لم تخلُ كتب "معاني القرآن" من توجيه للقراءات، وبيان نظائرها من كلام العرب، ومن آراءٍ في القراءة احتجاجاً وقبولاً وردّاً، وربطاً بالرسم، والرأي النحوي.
وقد أسهم علماء العربيّة في هذا النمط من العلم ابتداءً بجمع القراءات، الذي يقال: إنّ أوّل من عمد إلى التصنيف فيه رجلٌ من أهل اللغة في صدر القرن الثالث هو أبو عبيد القاسم بن سلاّم الهروي (ت ٢٢٣ هـ‍ (ألّف كتابه "معاني القراءات".
وقد ألّف بعده ابن قتيبة كتاباً في "وجوه القراءات" ويفهم من ذكره له في "تأويل مشكل القرآن" أنّه كتابٌ في توجيه القراءات، وتخريجها على مذاهب العرب في كلامها.
وقد كان الاحتجاجُ للقراءاتِ باباً واسعاً لخدمة اللُّغة العربيّة، وتقوية بعض وجوهِها، وقد عرف النحويُّون هذا الاحتجاج منذ بداية التأليف في علوم العربية، نجد ذلك في كتاب سيبويه، ومن تبعه من النحاة ينظِّرون للقراءة بكلامِ العرب شعره ونثره، فلمّا كان القرن الرابع سبَّع في أوّله أبو بكر بن مجاهدٍ (ت ٣٢٤) "السّبعة"، وألّف كتابه، وتلقّت الأُمَّةُ تسبيعه بالقبولِ، وظهر منذ ذلك الزّمن توجيهاتٌ واحتجاجاتٌ للقراءات سواءٌ كانت سبعيَّةً أو غيرها.
ولو ألقينا نظرة على تآليف الاحتجاج للقراءات في القرن الرابع لوجدنا أبا بكرٍ محمد بن مِقْسَم (ت ٣٥٦ هـ‍) يؤلِّف كتاباً بعنوان "احتجاج القراءات" وفي أوّل القرن وقبله ألّف أبو بكر بن السّرّاج (ت ٣١٦ هـ‍ ("احتجاج القراءة". ويقال: إنّه شرع فيه ولم يتمَّه، ثمّ ألّف أبو عليّ الفارسيّ كتاب


الصفحة التالية
Icon