وعلوم القرآن، وتصوّر التآخي بينهما في أعلى مراتبه، وأسمى درجاته؛ لأنّها تتخّذ النَّصّ المقدَّسَ مجالاً للدرسِ، وترومُ خدمته، ورفع ما يحيق بفهمه من حواجز، وتيسير ذلك الفهم من خلالِ تناوُلٍ لغويّ ميسَّرٍ يعتمد التحليل، والإعراب، وذكر النظائر، والاستئناس بالرأي أو الآراء الأخرى، وتخريج ما في القراءة على كلام العرب، أو آراء العلماء ومذاهبهم.
وممّا يتّصل بموضوع الاحتجاج للقراءات إعرابُ القرآن، وهو أمرٌ جذب أنظار اللُّغويين منذ عصور الازدهار اللُّغويِّ، نجد أمثلةً لذلك في التصنيف خلال القرن الرابع الهجريّ؛ ألَّف ابن خالويه كتابه “إعراب ثلاثين سورة” وينسب من قبل لمحمد بن يزيد المبرّد (ت ٢٨٦ هـ‍) كتابٌ في إعراب القرآن، بل لقطربٍ محمد بن المستنير (ت ٢٠٦ هـ‍) ينسب كتابٌ أيضاً. ولثعلبٍ أحمد بن يحيى (ت ٢٩١ هـ‍) ولابن فارس (ت ٣٩٥ هـ‍).
وهناك كتب في إعراب القرآن، شُهِرت، مثل“ البيان في إعراب غريب القرآن ” للكمال بن الأنباري (ت ٥٧٧ هـ‍)، ولأبي البقاء العكبري (ت ٦١٦ هـ‍) كتابٌ أيضاً طبع باسم “إملاء ما منّ به الرحمن”و“ التبيان في إعراب القرآن”. ولابن هشام (ت ٧٦١ هـ‍) تأليف في إعراب القرآن باسم “المسائل السفريّات” في إعراب مواضع من القرآن.
وللمتأخرين كتب كثيرةٌ، يصعب حصرها، لعلّ من أشهرها كتاب
“ البحر المحيط ” لأبي حيَّان الأندلسي (ت ٧٤٥ هـ‍) و“ دراسات لأسلوب القرآن الكريم ” لشيخنا محمد عبد الخالق عضيمة (ت ١٤٠٦ هـ‍)، وكتب الإعراب لا تعرض لإعراب الواضحات من الكلمات، وإنّما تعنى بما يكون في إعرابه إشكالٌ أو خلافٌ، أو اختلاف في المعنى، أمّا ما فعله بعض


الصفحة التالية
Icon