عزّ وجلّ”. وأبو جعفر النّحاس (ت ٣٣٨ هـ) كتابه “القطع والائتناف”.
وهو فنٌّ عُنِي به الصحابة، وتلقّوه عن رسول الله ﷺ وتناقلته الأجيالُ من بعد، وقد جعلوا من صفات من يتقن الوقوفَ ما حكي عن مجاهدٍ أنّه قال: "لا يقومُ بالتّمام إلاّ نحويٌّ عالمٌ بالقراءة، عالم بالتفسير، عالم بالقصص" (١). كما يحتاج إلى معرفة علوم وفنونٍ أخرى كي يتقن الوقف، وقال أبو جعفرٍ النحاس:" قد صار في معرفة الوقف والائتناف التفريق بين المعاني، فينبغي لقارئ القرآنِ إذا قرأ القرآن أن يتفهّمَ ما يقرؤه، ويشغل قلبه به، ويتفقّد القطع والائتناف، ويحرِصَ على أن يفهم المستمعين في الصلاة وغيرها، وأن يكون وقفه عند كلام مستغنٍ أو شبيه، وأن يكون ابتداؤه حَسَناً" (٢). وهذا يتطلّب من القارئ أن يعرفَ علوماً وفنوناً.
ثم إنّ من الوقف ما هو واضح مفهومٌ معناه، ومنه مشكل لا يدرى إلاّ بسماعٍ، وعلم بالتأويل، ومنه ما يعلمه أهل العلم بالعربيّة واللّغة، فيدري أين يقطع؟ وكيف يأتنف " (٣).
وكُلُّ من ألّف في وقوف القرآن كان يعوِّلُ على العربية والمعاني اللُّغوية، وتمام المعنى، وكان من هذا عملٌ رائع خدم العربيّة، ولفت الأنظار إلى ما وراء وقف المتكلّم من سرٍّ معنويّ أو لفظيّ.
ثمّ إنّ هذا العلم قد قصرتِ العناية به في العصور المتأخّرة، خاصَّةً لدى
(٢) أبو جعفر النحاس، القطع والائتناف ١ / ٩٧.
(٣) السابق ١ / ٩٨.