طُلاّب العربيّة، وهو علم على قدر من الأهمية كبير، خاصَّةً في فهم المعنى بطريقة وقف القارئ، إن كان الوقف كاملاً، أو كان ناقصاً، بطريقة تشعر السامع بالمعنى المراد، ويعمد إليها القارئ.
وكم من معنىً لاح بسبب وقفةِ قارئ، وكم من معنى اختلط، أو لُبِّس، أو عُمِّي بسبب وقفة، وهذا هو معنى قولهم "ينبغي لقارئ القرآن أن يتفهَّم ما يقرؤه" وهذا أمرٌ زائد على ما يدرسه أهل العربيّة في باب “الوقف” لأنّه إنّما يعنى بالصورة اللّفظيّة للفظ الموقوف عليه، ولا يبحث فيما وراء ذلك.
ولم تَخْلُ الدراسات العامَّةُ التي كتبت حولَ القرآن من تفسيرٍ نقليّ، أو تفسيرٍ موضوعيّ، أو أحكام، أو أنماطٍ أخرى من التفسير، أو ما حول التفسير، لم تخل من توظيف اللغة، كما لم تخلُ من خدمةٍ للغة العربية بوجهٍ ما، لا تخفى على أحدٍ، وبيانها من توضيح الواضحات، وهو ثقيلٌ على النّفس.
أمّا ما يتعلّق بالإعجاز والبلاغة فهذا الأمر من الوضوح بما يكفينا ويغنينا عن أن نردِّدَ ما قاله الآخرون، فلولا القرآن لم يكن ثمَّ بحثٌ في إعجاز، ولا عمل في البلاغة، فالبلاغة إنّما وُلِدَتْ لتبينَ عن إعجاز القرآن.
وهذا الموضوع لم يكفّ أهل العلم عنه منذ نشأة علوم العربيّة حتّى عصرنا الحاضر، كُلّها تحاول بيان وجهٍ من وجوه الإعجاز، وبلاغة القرآن والكثير منها مُتَّجه إلى الجانب البيانيّ. وقد قدّمت هذه الدراسات للعربية نمطاً فريداً من الدراسات البيانيّة لم تَنْعَمْ بها لُغةٌ من اللُّغاتِ، وهذا كاف، ولاتساع الموضوع، ولأنّه خُصَّ بمحورٍ خاصٍّ يَجْملُ بنا أن نتركه لغيرنا، لأنّهم أحقَّ به، وأولى، وأقدر على الكتابة فيه، وفيما قدّمناه عن عناية