هذا النمط من العناية بالقرآن الكريم، وسخاء الخلفاء والسلاطين والأثرياء بالإنفاق عليه، وتخصيص أوقاف على القيام به هو محل عنايتهم ورعايتهم، السابق واللاحق منهم.
هذا مظهر من مظاهر العناية بالقرآن الكريم أولاً، يرجون من ورائه الأجر الدائم والثواب المستمر من الله عز وجل، وإيجاد أعمال خيرية جليلة تبرز البرَّ والوفاء بأهل القرآن في الحرمين الشريفين.
كانت قراءة الربعة مشهورة ومنتشرة في الحرمين الشريفين، حيث يجتمع لها مجموعة من القراء يتلو كل واحد منهم جزءاً من القرآن حتى يتموا كامل أجزائه، كل مجموعة مخصوصة وتابعة لخصفة معينة مسماة باسم الواقف على قراءة القرآن، أو شيخ الخصفة في الوقت المعين لها، والمكان المخصص. ومن الأمثلة على هذا النوع من الأوقاف الأميرية أنه:
"في أوائل عام ٩٢٤: تقدم الأمير مصلح الدين الرومي وقيد عشرة أنفس من الشيبيين في قراءة ربعة بعد صلاة الصبح أمام باب الكعبة المشرفة، وجعل ناظرهم، وشيخ حضورهم فاتح الكعبة، وأوقف عليه حمّام سوق الليل، المعروف بحمّام النبي ﷺ مع بيوت أخر اشتراها بألف دينار، وشرع في عمل حنفية خلف درجة الريس، وقبة السقاية القديمة المعروفة بالسلطان المؤيد شيخ، الملاصقة لفرشة زمزم بجانب الحنفية العتيقة التي غيرها الأمير جانبك، وهي حوض كبير من حجر، الماء له بزابيز من نحاس، وحجارة يجلس عليها للوضوء" (١).