من ذلك لم يدفع أدنى الفسادين باحتمال أعلاهما" (١).
وقد فصَّل رحمه الله تعالى وغيره القول في هذا الموضوع، فمن جملة ما قاله في ذلك:
"وأما القراءة الدائمة على القبور فلم تكن معروفة عند السلف، وقد تنازع الناس في القراءة على القبر، فكرهها أبو حنيفة، ومالك، وأحمد في أكثر الروايات عنه، ورخص فيها في الرواية المتأخرة لما بلغه أن عبد الله بن عمر أوصى أن يقرأ عند دفنه بفواتح البقرة، وخواتمها.
وقد نقل عن بعض الأنصار أنه أوصى عند قبره بالبقرة.
وهذا إنما كان عند الدفن، فأما بعد ذلك فلم ينقل عنهم شيء من ذلك، ولهذا فرق في القول الثالث بين القراءة حين الدفن، والقراءة الراتبة بعد الدفن فإن هذا بدعة لا يعرف لها أصل … " (٢).
وممن أسهب البحث في هذا الموضوع، وبيَّن اتجاه علماء السلف في هذا العلامة أبو علي الحسين بن علي بن طلحة الرجراجي الشوشاوي في كتابه (الفوائد الجميلة على الآيات الجليلة) وصرح بكراهة ذلك الإمام مالك، وهو "ما أشار إليه الشيخ أبو محمد في الرسالة بقوله:
ولم يكن ذلك عند مالك أمراً معمولاً به" (٣).
(٢) انتفاع الموتى بأعمال الأحياء، ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله، الطبعة الأولى، جمع وتقديم مروان كجك، (الرياض: مطبعة النرجس، عام ١٤٢١/٢٠٠٠)، ص٢٠.
(٣) الطبعة الأولى، دراسة وتحقيق إدريس العزوزي، (المغرب: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، عام١٤٠٩/١٩٨٩)، ص٢٣٨.