الزمان المتضمن لمثل هذه الأعمال أهل أن يقسِم الرب عز وجل به. فلا يحتاج إلى جواب، وقيل: الجواب محذوف، أي: لتعذبن يا كفار مكة، وقيل: مذكور، وهو قوله: ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَاد﴾ ١، والصحيح المناسب أنه لا يحتاج إلى جواب.
وقد يحذف الجواب لدلالة المذكور عليه، كقوله تعالى: ﴿لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾ ٢، فجواب القسم محذوف دل عليه قوله بعد:

﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ﴾ ٣ إلخ، والتقدير، لتبعثن ولتحاسبن.
٣- والماضي المثبت المتصرف الذي لم يتقدم معموله إذا وقع جوابًا للقسم تلزمه اللام و"قد"، ولا يجوز الاقتصار على إحداهما إلا عند طول الكلام. كقوله تعالى: ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا، وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا، وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا، وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا، وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴾ ٤، فجواب القسم: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴾ حذفت من اللام لطول الكلام.
ولذلك قالوا في قوله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ﴾ ٥: إن الأحسن أن يكون هذا القسم مستغنيًا عن الجواب؛ لأن القصد التنبيه على المقسَم به، وأنه من آيات الرب العظيمة، وقيل: الجواب محذوف دل عليه: ﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ﴾ أي إنهم ملعونون، يعني كفار مكة كما لعن أصحاب الأخدود، وقيل: حذف صدره، وتقديره: لقد قتل؛ لأن الفعل الماضي إذا وقع جوابًا للقسم تلزمه اللام و"قد"، ولا يجوز الاقتصار على إحداهما إلا عند طول الكلام، كما سبق في قوله تعالى: ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا﴾، ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴾.
١ الفجر: ١٤.
٢ القيامة: ١، ٢.
٣ القيامة: ٣.
٤ الشمس: ١-٩.
٥ البروج: ١-٤.


الصفحة التالية
Icon