الأَدْبَارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} ١ توعد سبحانه على الفرار من الزحف بالنار، والزحف: المزاحفة وهي المقاربة والدنو، وقوله: ﴿إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ﴾ أي يفر مكيدة ثم يعطف للقتال. ﴿أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ﴾ جماعة من المسلمين، قيل ولو كان الإمام الأعظم٢.
قوله تعالى: ﴿فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ ٣ يقول تعالى: هو الذي أنزل الملائكة، وشاء الظفر والنصر، وألقى الرعب في قلوبهم، وقوى قلوبكم، وأذهب عنها الفزع. ﴿وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى﴾، وذلك "أن رسول الله أخذ حفنة من تراب بعد تضرعه فرماهم بها وقال: شاهت الوجوه. وأمر أصحابه أن يحملوا فأوصل الله ذلك التراب إلى أعين المشركين، فلم يبق أحد منهم إلا ناله ما شغله، فولوا مدبرين ٤"). وقوله: ﴿وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً﴾ ٥ أي: ليعطيهم عطاء حسنا قال الشاعر: ٦
جزى الله بالإحسان ما فعلا بكم | وأبلاهما خير البلاء الذي يبلو |
٢ نفس المصدر والجزء والصفحة.
٣ سورة الأنفال آية: ١٧.
٤ سيرة ابن هشام: ٢/٢٦٨، زاد المسير: ٣/٣٣٢.
٥ سورة الأنفال آية: ١٧.
٦ القائل: زهير ابن أبي سلمى انظر شرح ديوانه: ١٠٩.
٧ ابن كثير: ٣/٢٩٦.
٨ مكان هذه الجملة غير واضح المعنى.