﴿ ٱلزَّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَآ إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾
قوله تعالى: ﴿الزَّاني لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً، والزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَاإِلاَّ زانٍ أَو مُشْرِكٌ﴾ الآية.
قال ابنُ المسيِّب: يزعمون أنها نُسِخَت بقوله تعالى: ﴿وأَنكِحُواالأيَامَى مِنكُمْ﴾ [النور: ٣٢]، فدخلت الزانيةُ في أيامى المسلمين، وعلى هذاالقولِ جماعةٌ من العلماء.
فمن زنى بامرأة مؤمنةٍ أَو كتابيةٍ، فله أَن يتزوَّجَها، أو لغيره من المسلمينأَن يتزوَّجها بعد أن يستبرئها - وهو قول (جابر بن زيد وعبدِ الله بن عمر)وعطاء (وطاووس) ومالك وأبي حنيفة وأصحابه والشافعي -.
وعن ابن عباس، أنه قال: النِّكاح في هذه الآيةِ الوطءُ والآية محكمة، ومعناها: أن الزاني لا يزني إلا بزانيةٍ مثلِه من أَهل القِبْلَةِ لا تسْتَحِلُّ الزنا أو بمشركةٍ، وكذلك الزَّانيةُ من المسلمات لا تزني إلاَّ مع زانٍ من المسلمينلا يستحلُّ [ الزنا أو (مع) مُشْرِكٍ، ويدلُّ على ذلك إجماعُهم على أن الزانيةَمن المسلمين] لا يَحِلُّ لها أن تتزوَّجَ (رَجُلاً من المشركين) وأَن الزانيمن المسلمين لا يَحِلُّ له أن يتزوَّجَ مُشْرِكةً غيرَ كتابية.
وعن الحسن أنه قال: الآيةُ محكمةٌ غيرُ منسوخة، ومعناها: أنالمجلودَ على الزنا لا يَنْكِحُ إلاَّ زانيةً [مجلودة على الزنا] أو مشركةً، وكذلك الزَّانِيةُ، وهذا هو الحكم عنده، وروى في ذلك حديثاً عن النبي- عليه السلام -، وقد أَجمع أهل العلم على خلافه، والحديث إن صحّ فهومنسوخ كالآية بقوله ﴿وأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ﴾ [النور: ٣٢].
وقال مجاهد: نَزَلَت هذه الآيةُ في نساءٍ بأعيانهن، كان الرَّجُلُ يتزوَّجُإحداهن على أن تُنْفِقَ عليه مما تَكْسِبُه من الزنا فحرَّمَ الله - تعالى ذكره -ذلك. (وعن القاسم بن عبد الله أنه) كانت بـ "جياد" امرأة يقال لها أُم(مهروب)، وكانت تُسافح فأراد رجل من المسلمين أن يتزوجها، فأنزل الله- جلَّ ذكره -: ﴿والزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إلاّ زَانٍ أو مُشْرِك﴾، فتكون الآية علىهذا القول محكمةً مخصوصةً في شيء بعينه. ثم (نُسِخَت بقوله): ﴿وأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ﴾.